شهدت أسعار النحاس هبوطًا حادًا يوم الأربعاء بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة ٥٠٪ على واردات النحاس، مما تسبب في تقلبات حادة في الأسعار واضطرابات كبيرة في حركة التجارة.
وجاء هذا الإعلان مع اقتراب الموعد النهائي في الأول من آب/أغسطس لتطبيق الرسوم الجمركية الأعلى ضمن خطة ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي.
الإعلان عن الرسوم يُفجّر الفوضى
أعلن الرئيس ترامب فرض رسوم بنسبة ٥٠٪ على أنواع محددة من واردات النحاس، مثل الأنابيب والأسلاك والوصلات، على أن يبدأ تنفيذ القرار في الأول من آب/أغسطس.
وقد تم إعفاء النحاس المكرر من هذه الرسوم، مما أدى إلى تراجع عقود النحاس الآجلة في الولايات المتحدة بنسبة ٢٣٪ في يوم واحد، وهو أكبر تراجع منذ عام ١٩٦٨، إلى جانب الهبوط بنسبة ١٢٪ خلال أزمة “الإثنين الأسود” في عام ١٩٨٧. ⁽١⁾
وقد يؤدي استثناء النحاس المكرر إلى تأثير كبير على التجارة العالمية بهذه المادة الأساسية، التي تُستخدم على نطاق واسع في تمديدات الكهرباء والصناعات الإلكترونية.
اندفاع لشراء النحاس وتقلبات السوق
في وقت سابق من شهر تموز/يوليو، قفزت أسعار النحاس في السوق الأمريكية إلى مستويات قياسية، متجاوزة الأسعار العالمية، بعد إعلان ترامب نيته فرض رسوم استيراد بنسبة ٥٠٪ على المعدن الذي يُستخدم في الإلكترونيات والسيارات وقطاع البناء. ⁽٢⁾
وسارع المتعاملون في السلع والشركات إلى إدخال النحاس إلى الولايات المتحدة قبل بدء تطبيق الرسوم، مما أدى إلى امتلاء مخازن المعادن في مدن مثل بالتيمور، ونيو أورليانز، وديترويت، وغيرها من مراكز التخزين. ⁽٣⁾
وبعد إعلان استثناء المنتجات المكررة من القرار، هبطت عقود النحاس الآجلة في بورصة السلع الأمريكية COMEX بنسبة ٢٣٪ إلى حوالي ٤٫٤ دولارات للرطل، في حين تراجعت العقود في بورصة لندن للمعادن LME بنسبة ٢٫٢٢٪ فقط إلى نحو ٩٬٥٧٠ دولارًا للطن المتري. ⁽٤⁾
التأثير على التجارة العالمية والصناعة الأمريكية
يُعد النحاس من السلع الاستراتيجية المهمة، حيث يُستخدم على نطاق واسع في قطاعات الكهرباء والبناء. ونظرًا لامتلاك الولايات المتحدة مخزونًا كبيرًا من النحاس المستورد، فإن بعض التقديرات تشير إلى إمكانية إعادة تصديره إلى أسواق أخرى، مما قد يجعل من الولايات المتحدة مركزًا لإعادة توجيه صادرات النحاس عالميًا. ⁽٥⁾
وتهدف هذه الرسوم الجمركية، إلى جانب تلك المفروضة على الفولاذ والألمنيوم، إلى حماية قطاع التصنيع الأمريكي، خصوصًا في مجالات الإلكترونيات وملحقات السباكة. ومع ذلك، قد تُوفر بعض الدعم المحدود لشركات التعدين المحلية، نظرًا لاستثناء النحاس المكرر من الرسوم. ويحذّر خبراء الصناعة من أن الولايات المتحدة لا تملك القدرة الكافية على تعويض كل واردات النحاس بسرعة، وهو ما قد يُشكّل تحديًا أمام خطة ترامب لزيادة إنتاج المعادن محليًا. ⁽٦⁾
سياسة ترامب التجارية غير المتوقعة
اتسمت سياسة الرئيس ترامب التجارية بعدم الاستقرار والتقلب، مما تسبب في اضطراب الأسواق المالية. وتعكس تقلبات أسعار النحاس النهج العدواني والمفاجئ الذي يتبعه، خاصة أن الإعلان عن الرسوم جاء قبل أيام فقط من دخول القرار حيّز التنفيذ.
وكان الرئيس قد أطلق تهديداته بفرض رسوم بنسبة ٥٠٪ خلال مؤتمر صحفي، ما أثار حماس المستثمرين في قطاع التعدين، الذين تفاءلوا بإمكانية تسهيل إجراءات إنشاء مناجم ومصاهر جديدة. إلا أن البعض رأى أن المراهنة على تصريحات الرئيس قد تنطوي على مخاطرة في ظل غياب وضوح السياسات التنفيذية.