في ٢٢ يوليو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إبرام اتفاق تجاري جديد مع اليابان، في خطوة تُعد محطة رئيسية مع أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة. تم توقيع الاتفاق بعد مفاوضات مكثفة، وأسفر عن فرض تعريفة جمركية بنسبة ١٥٪ على الواردات اليابانية، بما في ذلك السيارات، إلى جانب التزام من اليابان باستثمار ضخم في الولايات المتحدة. كما ساعد الاتفاق على تجنب خطر فرض تعريفة بنسبة ٢٥٪، مما عزز الروابط الاقتصادية والدبلوماسية بين البلدين.
تخفيض التعريفات وتخفيف الضغط على قطاع السيارات
تضمن الاتفاق فرض تعريفة جمركية بنسبة ١٥٪ على الواردات اليابانية، بما يشمل السيارات وقطع الغيار، بدلاً من النسبة الأصلية البالغة ٢٥٪ التي كانت ستدخل حيز التنفيذ في أغسطس في حال عدم التوصل إلى اتفاق. ⁽١⁾
ويُعد هذا التخفيض خطوة مهمة لصالح قطاع السيارات الياباني، الذي يُمثل حوالي ٨٠٪ من فائض اليابان التجاري مع الولايات المتحدة. وقد صرح رئيس الوزراء الياباني شينجيرو إيشيبا أن هذه النسبة هي الأدنى بين الدول التي لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة. وبموجب الاتفاق، ستسمح اليابان باستيراد السيارات الأمريكية التي تفي بالمعايير الأمريكية للسلامة دون أي متطلبات إضافية، ما قد يعزز صادرات السيارات الأمريكية. ⁽٢⁾
قفزت أسهم شركات السيارات اليابانية بعد الإعلان عن الاتفاق، حيث ارتفعت أسهم هوندا بأكثر من ١١٪، وتويوتا بأكثر من ١٥٪، ونيسان بأكثر من ٩٪، ومازدا بأكثر من ١٧٪، وميتسوبيشي موتورز بأكثر من ١٣٪. ⁽٣⁾
التزام ياباني باستثمار قدره ٥٥٠ مليار دولار
وافقت اليابان على استثمار مبلغ ٥٥٠ مليار دولار في صندوق أمريكي مدعوم حكوميًا. ويهدف الصندوق، بدعم من ضمانات القروض، إلى تمويل مشاريع في قطاعات أشباه الموصلات والصلب وبناء السفن والطيران والطاقة والذكاء الاصطناعي. وستحصل الولايات المتحدة على ٩٠٪ من أرباح هذه الاستثمارات، فيما تحصل اليابان على ١٠٪. ⁽٤⁾
وقد لعب وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك دورًا محوريًا في إنشاء هذا الصندوق. وخلال اللحظات الأخيرة من الاجتماع في المكتب البيضاوي، ضغط الرئيس ترامب لزيادة مبلغ الاستثمار من ٤٠٠ مليار دولار إلى ٥٥٠ مليار دولار. ⁽٥⁾
كما وافقت اليابان على عدة التزامات استثمارية أخرى، من بينها:
- بوينغ والزراعة: ستشتري اليابان ١٠٠ طائرة من بوينغ، وستزيد وارداتها من الأرز الأمريكي بنسبة ٧٥٪، بالإضافة إلى شراء المزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية.
- الإنفاق الدفاعي: سترفع اليابان إنفاقها الدفاعي من خلال زيادة التعاون مع شركات الدفاع الأمريكية، بهدف إنفاق ١٧ مليار دولار سنويًا.
- خط أنابيب الغاز الطبيعي المسال: ستشارك اليابان في مشروع مشترك لإنشاء خط أنابيب للغاز الطبيعي المسال بقيمة ٤٤ مليار دولار في ألاسكا.
كما ستحصل اليابان على بند حماية خاص يضمن لها أدنى معدلات تعرفة جمركية في قطاعات محددة، بما في ذلك الأدوية وأشباه الموصلات. ⁽٦⁾
خلفية المفاوضات والسياق السياسي
تم التوصل إلى الاتفاق بعد ثماني جولات من المفاوضات، قاد خلالها الرئيس ترامب بنفسه المباحثات النهائية مع كبير المفاوضين التجاريين الياباني ريوسي أكازاوا، إلى جانب الوزير لوتنيك ووزير الخزانة سكوت بيسنت.
وقد أشاد رئيس الوزراء الياباني إيشيبا بالاتفاق، رغم الضغوط السياسية المتزايدة عليه عقب خسارة حزبه في انتخابات مجلس الشيوخ. حيث تراجعت شعبية الحزب الليبرالي الديمقراطي، مما أضعف موقف إيشيبا، وسط تقارير إعلامية تشير إلى احتمال استقالته.
ورغم التوترات بين البلدين بشأن الإنفاق الدفاعي، أكد الزعيمان على أهمية الاتفاق في خلق الوظائف وتعزيز التعاون المشترك.
التطلعات المستقبلية
يأتي هذا الاتفاق في إطار استراتيجية الرئيس ترامب الأوسع لفرض تعريفات متبادلة، والتي أعلن عنها في يوم التحرير في أبريل، بهدف معالجة اختلالات الميزان التجاري مع معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. ومع اقتراب موعد ١ أغسطس، أبرمت الولايات المتحدة بالفعل اتفاقيات تجارية مع كل من المملكة المتحدة، إندونيسيا، فيتنام، الفلبين، وخففت التوترات مع الصين.
وتتواصل المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، والهند، وأكثر من ١٥٠ اقتصادًا صغيرًا، وسط توقعات بفرض تعريفات تتراوح بين ١٠٪ و١٥٪ لبعض الدول. ويُوصف الاتفاق مع اليابان، بحسب ترامب، بأنه “ربما أكبر صفقة تم إبرامها على الإطلاق”، وقد عزز ذلك من التفاؤل في الأسواق العالمية.