تكبّد الائتلاف الحاكم في اليابان بقيادة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا خسارة كبيرة في انتخابات مجلس الشيوخ، حيث فشل في الحصول على عدد كافٍ من المقاعد في المجلس المؤلف من ٢٤٨ مقعدًا.
عد هذه الخسارة ضربة جديدة للائتلاف، ما يجعله أقلية في كلا المجلسين، بعد هزيمته أيضًا في انتخابات مجلس النواب في أكتوبر، مما يعمّق حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
وهذه هي المرة الأولى منذ تأسيس الحزب الليبرالي الديمقراطي في عام ١٩٥٥ التي يفقد فيها الائتلاف الحاكم أغلبيته في كلا مجلسي البرلمان. وتأتي هذه الهزيمة بعد خسارته في مجلس النواب في أكتوبر. ⁽١⁾
ومع استمرار معاناة اليابان من ارتفاع الأسعار، وضعف الين، والرسوم الجمركية الأمريكية، قد تكون نتائج الانتخابات مؤشراً على تزايد حالة عدم الاستقرار السياسي والضبابية الاقتصادية.
نكسة انتخابية
فاز الحزب الليبرالي الديمقراطي وشريكه الأصغر في الائتلاف “كوميتو” بـ٤٧ مقعدًا فقط، بينما كانا بحاجة إلى ٥٠ مقعدًا إضافيًا فوق الـ٧٥ مقعدًا التي بحوزتهما للاحتفاظ بالأغلبية.
وبذلك فشل الائتلاف في تحقيق الأغلبية بثلاثة مقاعد، وتراجع بمقدار ١٩ مقعدًا مقارنةً بما قبل الانتخابات. وقد أقر إيشيبا بسوء أداء الائتلاف، وهو ما يزيد من حالة الاستياء الشعبي إزاء بطء استجابة حكومته لارتفاع الأسعار. ⁽٢⁾
وتأتي هذه الهزيمة بعد فقدان الأغلبية في مجلس النواب في أكتوبر، ما يزيد من التحديات التي يواجهها إيشيبا. وبذلك يصبح الائتلاف بقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي أقلية في كلا المجلسين لأول مرة منذ عام ١٩٥٥، مما يضطر إيشيبا إلى طلب الدعم من أحزاب المعارضة لتمرير التشريعات.
الاضطراب الاقتصادي يخيّب آمال الناخبين
تتمثل أبرز أسباب استياء الناخبين في ارتفاع الأسعار، وجمود الأجور، وارتفاع مساهمات الضمان الاجتماعي. كما أدى ارتفاع أسعار الأرز إلى زيادة الغضب الشعبي. ⁽٣⁾
وقد عجزت حكومة إيشيبا عن تقديم حلول فعالة لهذه التحديات الاقتصادية، في حين أن فضائح الفساد السابقة داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي ساهمت في تآكل ثقة الشعب، ما أدّى إلى خسائر انتخابية متلاحقة. ونتيجة لذلك، اضطرّت الحكومة الأقلية إلى تقديم تنازلات لأحزاب المعارضة، ما أبطأ قدرتها على الاستجابة للأزمات الاقتصادية. ⁽٤⁾
تعافي الين بعد نتائج الانتخابات
رغم أن نتيجة الانتخابات لم تكن صادمة للأسواق، إلا أنها جاءت في توقيت صعب، إذ تحاول اليابان التوصل إلى اتفاق جمركي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل الأول من أغسطس.
ارتفع الين الياباني بعد الهزيمة التاريخية التي مُني بها الائتلاف الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ نهاية الأسبوع، ما فتح الباب أمام مرحلة من عدم الاستقرار السياسي.
وارتفعت العملة اليابانية بنسبة وصلت إلى ٠٫٧٪ أمام الدولار، قبل أن تتراجع قليلًا.
وقد أثارت هذه النتائج السياسية مخاوف حول مستقبل المالية العامة في اليابان، إذ إن الاعتماد على أحزاب المعارضة في تمرير القوانين قد يجعل من الصعب تنفيذ إصلاحات اقتصادية أو التوصل إلى اتفاقات تجارية.
استمرار التوتر التجاري مع الولايات المتحدة
زاد الرئيس ترامب من الضغوط، معربًا عن استيائه من غياب التقدم في المفاوضات التجارية، ومن ضعف مبيعات السيارات الأمريكية والأرز الأمريكي المزروع محليًا في اليابان. كما أن الرسوم الجمركية بنسبة ٢٥٪ والمقررة في الأول من أغسطس تشكل ضربة أخرى لإيشيبا.
وقد رفض إيشيبا تقديم أي تنازلات قبل الانتخابات، لكن احتمالية تحقيق تقدم بعد الانتخابات لا تزال غير واضحة، خصوصًا مع الصعوبة المتوقعة في التوصل إلى توافق مع المعارضة ضمن الحكومة الأقلية. ⁽٥⁾
مستقبل قيادة إيشيبا
رغم أن انتخابات مجلس الشيوخ لا تحدد مصير حكومة رئيس الوزراء إيشيبا بشكل مباشر، إلا أنها قد تزيد من الضغوط السياسية عليه. ⁽٦⁾
الحكم بدون أغلبية في كلا المجلسين يتطلب مفاوضات دقيقة مع أحزاب المعارضة، ما قد يؤدي إلى تعطيل تشريعات أساسية. ومع ما تواجهه اليابان من تحديات اقتصادية وتوترات تجارية، فإن قدرة إيشيبا على إدارة هذه المرحلة السياسية الجديدة ستكون حاسمة لاستقرار حكومته وتلبية تطلعات الناخبين. ⁽٧⁾