en
أظهر الدولار الأسترالي (AUD) قوة ملحوظة أمام العملات الأخرى، حيث ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ ٨ أشهر مقابل الدولار الأمريكي، رغم الأجواء العالمية السائدة من العزوف عن المخاطرة. ويعزى هذا الأداء إلى سياسة بنك الاحتياطي الأسترالي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، والبيانات الاقتصادية القوية.
فقد قرر بنك الاحتياطي الأسترالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابق، وهو قرار فاجأ الأسواق التي كانت تتوقع خفضًا للفائدة. كما جاءت الصادرات الصينية قوية، مدعومة بشحنات إلى أسواق غير أمريكية، وهو ما دعم الدولار الأسترالي كون أستراليا شريكًا تجاريًا رئيسيًا للصين.
سوق العمل القوي
في شهر مايو، انخفض التوظيف في أستراليا بمقدار ٢٬٥٠٠ وظيفة، وهو أقل بكثير من توقعات السوق البالغة ٢٢٬٥٠٠ وظيفة. جاء هذا الانخفاض بعد ارتفاع قوي بمقدار ٨٧٬٦٠٠ وظيفة في أبريل. وعلى الرغم من انخفاض التوظيف، فإن تراجع طفيف في معدل المشاركة حافظ على معدل البطالة عند مستوى ٪٤٫١ للشهر الخامس على التوالي ⁽١⁾.
ظل معدل البطالة مستقرًا عند ٪٤٫١ منذ بداية العام، وهو رقم يُعد من أدنى المستويات تاريخيًا. فقبل جائحة كوفيد-١٩، كانت البطالة في أستراليا عند أو فوق ٪٥. أما الآن فهي أقل من ١٪ فقط عن أدنى مستوى تاريخي بلغ ٪٣٫٤ في أكتوبر ٢٠٢٢.
من المرجح أن بنك الاحتياطي الأسترالي يترقب ارتفاعًا في معدل البطالة أو ظهور مؤشرات واضحة على ضعف سوق العمل قبل أن يقرر مزيدًا من الخفض في الفائدة ⁽٢⁾.
هذا الاستقرار يعكس قوة الطلب على العمل، مما يدعم الإنفاق الاستهلاكي والنشاط الاقتصادي. كما أن سوق العمل المشدود يُبقي الضغوط التضخمية مرتفعة، مما يقلل من حاجة البنك المركزي لخفض الفائدة بشكل عاجل.
من المتوقع صدور بيانات التوظيف الجديدة يوم الخميس الموافق ١٧ يوليو، حيث تشير التوقعات إلى إضافة ٢٠٬٠٠٠ وظيفة للاقتصاد الأسترالي مع بقاء معدل البطالة ثابتًا عند ٪٤٫١. وإذا جاءت البيانات ضعيفة، فقد يدفع ذلك البنك المركزي لاتخاذ موقف أكثر تيسيرًا في اجتماعه المقبل ⁽٣⁾.
سياسة نقدية حذرة
فاجأ بنك الاحتياطي الأسترالي الأسواق بقراره يوم ٨ يوليو بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى ٪٣٫٨٥، رغم التوقعات بخفضها.
جاء معدل التضخم في الربع الأول عند ٪٢٫٤، وهو ضمن نطاق البنك المستهدف بين ٪٢ و٪٣، لكن الضغوط الناتجة عن ارتفاع تكاليف الكهرباء دفعت البنك للإبقاء على استقراره السعري ⁽٤⁾.
أشارت محافظ البنك ميشيل بولوك إلى المخاطر الناتجة عن ارتفاع تكاليف الأجور وضعف الإنتاجية، بينما سلّط نائبها هاوزر الضوء على الشكوك الاقتصادية العالمية الناتجة عن الرسوم الجمركية ⁽٥⁾.
تدل هذه السياسة الحذرة على أن أسعار الفائدة قد تبقى دون تغيير في اجتماع أغسطس المقبل لضمان تحقيق أهداف التضخم.
ارتفاع أسعار السلع وتفاؤل بشأن التجارة مع الصين
تُعد أستراليا مصدرًا رئيسيًا لخام الحديد والفحم والنحاس وغيرها من الموارد، ولذلك يرتبط الدولار الأسترالي عادةً بأسعار هذه السلع. وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن فرض رسوم على واردات النحاس، ارتفعت الأسعار وزاد الطلب على الصادرات الأسترالية، مما دعم العملة.
Source: MacroMicro. Chart Showing the Correlation Between AUD/USD and Copper Futures YTD
أظهرت الصادرات الصينية نموًا فاق التوقعات في يونيو، مدفوعة بزيادة الشحنات إلى أسواق غير أمريكية، وتراجع مؤقت في تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، مما خفف من تراجع الصادرات إلى أمريكا.
ارتفعت الصادرات بنسبة ٪٥٫٨ في يونيو، فيما توسع الفائض التجاري ليصل إلى ١١٤٫٧٧ مليار دولار، مقارنة بـ ٩٨٫٩٤ مليار دولار في مايو، متجاوزًا التوقعات التي كانت عند ٪٥ فقط ⁽٦⁾.
كما ارتفعت الواردات بنسبة ٪١٫١ على أساس سنوي، ورغم أنها جاءت دون التوقعات البالغة ٪١٫٣، إلا أنها تمثل أول نمو للواردات هذا العام، مما يعكس تحسنًا نسبيًا في الطلب المحلي ⁽٧⁾.
وفي سياق آخر، أفادت تقارير بأن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أجرى محادثات ناجحة مع مصنّعي الصلب الصينيين ومنتجي خام الحديد الأستراليين في شنغهاي ⁽٨⁾.
التطلعات المستقبلية
ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة ٪٠٫٧ الأسبوع الماضي إلى مستوى ٠٫٦٥٩٤٤، وهو الأعلى منذ ٨ أشهر، مدعومًا بسياسة بنك الاحتياطي وبيانات إيجابية من الصين. وتمنح أسعار الفائدة المرتفعة في أستراليا ميزة لعوائد الاستثمار مقارنة بالبنوك المركزية الأخرى، مما يعزز جاذبية الدولار الأسترالي في صفقات العائد ⁽٩⁾.
وتُفضّل الأسواق العالمية الأكثر استقرارًا أجواء “الإقبال على المخاطرة”، مما يدعم العملات المرتبطة بالسلع مثل الدولار الأسترالي. إلا أن التطورات التجارية العالمية، مثل الرسوم الأمريكية على النحاس، وبيانات سوق العمل المقبلة، قد تُغيّر اتجاهات الأداء.
