سوق دبي المالي يقفز لأعلى مستوى في ١٧ عامًا… ما الذي يقود هذا الارتفاع؟

شهد شهر يوليو ارتفاع مؤشر سوق دبي المالي العام (DFM) متجاوزًا حاجز الـ٦٬٠٠٠ نقطة، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ١٧ عامًا.

ويأتي هذا الإنجاز رغم التحديات المستمرة في الاقتصاد العالمي، بما في ذلك النزاعات التجارية، والضغوط التضخمية، وحالة عدم اليقين الجيوسياسية.  وقد سلط هذا الارتفاع الضوء على الإصلاحات الاستراتيجية التي تنتهجها دبي، والأداء القوي للأسهم، ما عزز ثقة المستثمرين ومنح السوق مكانة مميزة بين الأسواق العالمية. 

أداء قياسي غير مسبوق 

ارتفع مؤشر سوق دبي المالي العام بنسبة تجاوزت ٢٢٪ منذ بداية العام، ليصل إلى ٦٬١١٣ نقطة حتى وقت كتابة التقرير في يوليو ٢٠٢٥، وهو أعلى مستوى منذ عام ٢٠١٤، مدفوعًا بالأداء القوي لأسهم الشركات القيادية في قطاعات رئيسية كالمرافق والبنوك والعقارات. ⁽١⁾ 

وقد ارتفعت أحجام التداول بشكل كبير، مع تدفق الاستثمارات الأجنبية التي شكلت نحو ٥٠٪ من النشاط السوقي في الربع الثاني، وهي من بين أعلى نسب المشاركة في دول الخليج. ⁽٢⁾ 

أداء القطاعات 

انتعاش العقارات والسياحة 

قادت شركتا إعمار وديار موجة الانتعاش في قطاع العقارات.

سجلت إعمار نتائج قوية في الربع الأول، حيث ارتفعت مبيعات العقارات بنسبة ٤٢٪، والإيرادات بنسبة ٥٠٪، بدعم من محفظة طلبات بيع ضخمة تبلغ ١٢٧ مليار درهم، مع قيام وكالات التصنيف الائتماني برفع تصنيف الشركة نظرًا لانخفاض ديونها وهامش أرباحها القوي.

أما شركة ديار فقد سجلت أرباحًا ارتفعت بنسبة ٧٫٦٪ في الربع الأول، مع زيادة الإيرادات بنسبة ٢٠٪، وصرف توزيعات نقدية بقيمة ٠٫٠٥ درهم للسهم. ⁽٣⁾ 

وسجل سوق العقارات في دبي، المرتبط بشكل وثيق بسوق الأسهم، ارتفاعًا في الأسعار بنسبة ١٢٪ على أساس سنوي في المناطق الفاخرة مثل داون تاون، نخلة جميرا، ودبي هيلز.

كما استمرت الإصلاحات المتعلقة بتأشيرات الإقامة طويلة الأجل للمستثمرين العقاريين في جذب الاستثمارات الأجنبية. ⁽٤⁾ 

وساهم انتعاش قطاع السياحة، مدفوعًا بفعاليات كبرى مثل مهرجان دبي للتسوق وإكسبو دبي، في تسجيل عدد قياسي من الزوار في الربعين الأول والثاني، مما عزز قطاعات التجزئة والضيافة والسفر، ورفع ثقة المستثمرين. 

قطاع المرافق يسجل نموًا قويًا 

برزت شركات مثل هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) وإيمباور كقادة في قطاع المرافق، حيث سجلت DEWA زيادة بنسبة ١٤٪ في أرباح النصف الأول من ٢٠٢٥، في حين سجلت إيمباور نموًا مزدوج الرقم مدفوعًا بالطلب الكبير على خدمات التبريد، خاصةً في ظل ارتفاع درجات الحرارة القياسي في دبي. ⁽٥⁾ 

  

وتُعد هذه الأسهم المستقرة والموزعة للأرباح وجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة في بيئة عالمية مضطربة. 

أسهم البنوك تُظهر صمودًا رغم انخفاض أرباح NBD 

استفادت البنوك الإماراتية من النمو الاقتصادي المستقر وزيادة الطلب على الائتمان، إلى جانب الاستثمارات الحكومية في القطاعات غير النفطية خلال السنوات الأخيرة.

وسجل بنك الإمارات دبي الوطني انخفاضًا في الأرباح بنسبة ٩٪ في النصف الأول من ٢٠٢٥، حيث بلغ صافي الأرباح ١٢٫٥ مليار درهم، متأثرًا برفع الضرائب رغم النمو القوي في الودائع والائتمان، والذي دعم الإيرادات بنسبة ١٢٪ لتصل إلى ٢٣٫٩ مليار درهم. ⁽٦⁾ 

ورغم تراجع الأرباح، ارتفع سهم بنك الإمارات دبي الوطني بنسبة ٢١٪ منذ بداية العام. وأطلق البنك عبر تطبيق “Liv X” التابع لبنك Liv الرقمي التابع له، منتجًا جديدًا لتداول العملات المشفّرة للأفراد. ويُعد البنك الأكبر في دبي والثاني في الإمارات. ⁽٧⁾ 

سياسات مالية ذكية وسط اضطرابات عالمية 

رغم المخاوف العالمية المتعلقة بالتضخم الناتج عن الرسوم الجمركية واضطرابات سلاسل الإمداد، حافظت الإمارات على استقرار اقتصادي بفضل تنويع مصادر التجارة والدبلوماسية المتوازنة.

وتمكن المصرف المركزي من تحقيق توازن في أسعار الفائدة لضبط التضخم دون التأثير على النمو،

كما ساهم ربط الدرهم بالدولار الأمريكي في استقرار العملة، مع غياب الضرائب على الدخل والأرباح الرأسمالية، وهو ما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

حياد الإمارات يعزز مكانتها كملاذ آمن 

حافظت الإمارات على سياسة الحياد في ظل التوترات العالمية بين الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، مما مكّنها من تجنّب العقوبات وتقلبات أسعار الصرف والصدمات السياسية. 

وقد عزز هذا الاستقرار من مكانة الإمارات كملاذ آمن للمستثمرين، خاصة مع دعم أرباح الشركات القوية لهذه الصورة وسط حالة عدم اليقين العالمي.

المصادر: ⁽١⁾ ⁽٢⁾ Gulf News، ⁽٣⁾ ⁽٤⁾ ⁽٥⁾ ⁽٦⁾ ⁽٧⁾ Reuters